حوض المصطفى صلى الله عليه وسلم
حين تدنو الشمس من الرؤوس، ويتمكن العطش من الناس، ويشتد الكرب بهم حتى يطلبوا بدء الحساب، تتجلى رحمة الله يومئذ بالمؤمنين، إذ لم يتركهم عطشى يعانون الظمأ، بل أكرمهم بحياض يشربون منها، وجعل لكل نبي من الأنبياء حوضا يشرب منه هو وأتباعه، كما قال - صلى الله عليه وسلم - إن لكل نبي حوضا، وإنهم يتباهون أيهم أكثر واردة، وإني أرجو أن أكون أكثرهم واردة )رواه الترمذي وصححه الألباني .
الحوض والكوثر
الكوثر هو النهر الذي وعد الله به نبيه – صلى الله عليه وسلم – في الجنة، والحوض هو مجمع الماء في أرض المحشر، وماؤه مستمد من الكوثر، فالكوثر والحوض ماؤهما واحد، إلا أن أحدهما في الجنة، والآخر في أرض المحشر، لذلك يطلق على كل منهما اسم الكوثر، قال – صلى الله عليه وسلم – في وصف الحوض: ( يَغُت فيه ميزابان، يمدانه من الجنة، أحدهما من ذهب، والآخر من ورق ).
يغت: أي يدفق دفقا شديدا متتابعاً، فتبين بهذا أن ماء الحوض مستمد من نهر الكوثر في الجنة .
صفة حوض النبي صلى الله عليه وسلم
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أوصافا متعددة لحوضه، ترغيبا للأمة في بذل الأسباب الموجبة لوروده والشرب منه،فذكر من أوصافه: أن ماءه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وأن طوله وعرضه سواء، وأن سعته كما بين أيلة وصنعاء، وأن عدد كؤوسه كعدد نجوم السماء، وأن من شرب منه لا يظمأ أبدا، وهذه الأوصاف ذكرها النبي – صلى الله عليه وسلم – في أحاديث، منها:حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: ( إن قدر حوضي كما بين أيله وصنعاء من اليمن، وإن فيه من الأباريق بعدد نجوم السماء ) متفق عليه .
حديث ثوبان - رضي الله عنه - أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم – سئل عن شراب حوضه، فقال: ( أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، يغت فيه ميزابان، يمدانه من الجنة، أحدهما: من ذهب، والآخر من ورق ) رواه مسلم .
أول الشاربين من حوضه - صلى الله عليه وسلم- ذكر – صلى الله عليه وسلم –
صنفين من الناس سيكونون أول الشاربين من حوضه – صلى الله عليه وسلم –، الصنف الأول: فقراء المهاجرين، ويدل على ذلك ما رواه ثوبان - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: ( أول الناس ورودا عليه فقراء المهاجرين، الشعث رؤوسا، الدنس ثيابا، الذين لا ينكحون المتنعمات، ولا تفتح لهم السدد ) رواه الترمذي .
والصنف الثاني: أهل اليمن، فعن ثوبان - رضي الله عنه - أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم – قال: ( إني لبعقر حوضي، أذود الناس لأهل اليمن، أضرب بعصاي حتى يرفض عليهم – يسيل عليهم - ... ) رواه مسلم ، قال الإمام النووي في شرحه: " معناه: أطرد الناس عنه غير أهل اليمن، .. وهذه كرامة لأهل اليمن في تقديمهم في الشرب منه، مجازاة لهم بحسن صنيعهم وتقدمهم في الإسلام، .. فيدفع غيرهم حتى يشربوا، كما دفعوا في الدنيا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعداءه والمكروهات " .
ولا يعني كون الأنصار والمهاجرين هم أول واردي حوضه - صلى الله عليه وسلم – أن غيرهم لا يرده، غير أنهم - في الجملة - قلة، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: ( بينا أنا قائم، فإذا زمرة، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلم، فقلت: إلى أين ؟ قال: إلى النار والله، قلت: وما شأنهم ؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، قال: هلم، قلت: إلى أين ؟ قال: إلى النار والله، قلت: ما شأنهم ؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم ) رواه البخاري ،
قال الحافظ في الفتح :" قوله: فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم، يعني: من هؤلاء الذين دنوا من الحوض، وكادوا يردونه، فصدوا عنه، والهمل بفتحتين الإبل بلا راع، ... والمعنى: أنه لا يرده منهم إلا القليل؛ لأن الهمل في الإبل قليل بالنسبة لغيره " وواضح أن القلة هنا نسبية، أي: أن نسبة من يرد الحوض كبيرة لكن الذين يطردون أكبر من الذين يشربون .
المطرودون عن حوضه - صلى الله عليه وسلم- :
وردت أحاديث كثيرة في ذكر المطرودين عن حوضه – صلى الله عليه وسلم – وهي تحمل في طياتها تحذيرات من سلوك طريقهم، منها:
ما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم -، يقول أنا فَرطُكُم – أي أتقدمكم - على الحوض فمن ورده شرب منه، ومن شرب منه لم يظمأ بعده أبدا . ليردنَّ علي أقوامٌ أعرفهم ويعرفوني، ثم يحال بيني وبينهم، فأقول: إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما بدلوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً لمن بدل بعدي ).
موضع الحوض يوم القيامة
وموضع الحوض لا يكون على هذه الأرض، وإنما يكون وجوده في الأرض المبدلة، كما قال تعالى: { يوم تبدل الأرض غير الأرض }(إبراهيم:48) .
الواردون حوضه صلى الله عليه وسلم :
يرد حوض النبي – صلى الله عليه وسلم – في الجملة كل مؤمن لم يتلبس بمانع من موانع ورود الحوض التي تضمنتها الأحاديث السابقة، غير أن النبي ذكر بعض الأعمال الخاصة التي هي أسباب لنيل شرف وردود حوضه – صلى الله عليه وسلم – منها :
1- الصبر عند الأَثَرة: ويدل على ذلك حديث عبد الله بن زيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم – في وصيته للأنصار - رضي الله عنهم -:
( إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض ) متفق عليه، ومعنى ستلقون بعدي أثرة، أي: أن الأمراء بعدي يفضلون عليكم غيركم ممن هو أقل كفاءة منكم.
2- عدم الدخول على أئمة الجور ممالأةً ونفاقاً لهم، فعن كعب بن عجرة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ( أنه ستكون بعدي أمراء، من دخل عليهم فصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فليس مني ولست منه، وليس يرد علي الحوض، ومن لم يدخل عليهم، ولم يصدقهم بكذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم، فهو مني وأنا منه، وسيرد على الحوض ) رواه الترمذي والنسائي .
هذا هو حوض النبي صلى الله عليه وسلم، ذكرناه بأوصافه، وأوصاف أهله، وأوصاف المطرودين عنه، حتى يعلم المسلم السبيل إليه، في يوم عظم خطره، واشتد حره، والله الموفق .
الثلاثاء أغسطس 31, 2010 8:45 pm من طرف mhmod
» بعض المقتطفات من اخلاق سيد البشر
الثلاثاء أغسطس 17, 2010 8:05 am من طرف miss-cool
» توقفوا عن الاستغفار فورآ
الثلاثاء أغسطس 17, 2010 8:02 am من طرف miss-cool
» ابأسئلك ياصاحبي ؟؟
الثلاثاء أغسطس 17, 2010 7:58 am من طرف miss-cool
» كلمات في حب القران الكريم
الثلاثاء أغسطس 17, 2010 7:53 am من طرف miss-cool
» ضغط الشغل الحقيقي هنا
الثلاثاء أغسطس 17, 2010 7:26 am من طرف miss-cool
» حلـــــم
الثلاثاء أغسطس 17, 2010 7:21 am من طرف miss-cool
» تحديات امراه
الثلاثاء أغسطس 17, 2010 7:17 am من طرف miss-cool
» أتراك نسيتني؟
الثلاثاء أغسطس 17, 2010 7:15 am من طرف miss-cool